ابو اسامه السلفى
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أهلا ومرحبا بكم في منتدى ابواسامه السلفي
يسعدنا ويشرفنا تواجدكم وتسجيلكم معا
ونسال الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
ابو اسامه السلفى
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أهلا ومرحبا بكم في منتدى ابواسامه السلفي
يسعدنا ويشرفنا تواجدكم وتسجيلكم معا
ونسال الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
ابو اسامه السلفى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ابو اسامه السلفى



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
كل عام وانتم بخير........ وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

 

 مجالس المؤمنين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبوعبدالملك




مجالس المؤمنين 8vuutv
مجالس المؤمنين 3210
عدد المساهمات : 411
نقاط : 27678
تاريخ التسجيل : 25/03/2010

مجالس المؤمنين Empty
مُساهمةموضوع: مجالس المؤمنين   مجالس المؤمنين Icon_minitimeالجمعة 23 أبريل 2010, 7:43 am

[justify]الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد..

فإن للمؤمنين مجالس يذكر فيها بعضهم بعضا، وقد كان بعض الصحابة إذا التقي بأخيه المؤمن قال له: اجلس بنا نؤمن ساعة!.

ألم يكونوا مؤمنين..؟ بلي! ولكن لابد من تعاهد هذا الإيمان ، وتفقده ، والتذكير بمعانيه وحقائقه.

لذا فإن هذه المجالس ضرورية للمؤمنين، بل هي صفة من صفاتهم (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:3) .

ونحن اليوم نعيش في زمن كثرت فيه الفتن، واشتدت فيه الغربة، فما أحوجنا إلى من يذكرنا، ويحيي فينا ما قد مات أو ذبل.

وبين يديك ـ أخي القارئ ـ في صفحات هذا الكتاب وقفات للذكري، يمكنك أن تقرأها بمفردك ومع نفسك، ويمكنك أن تقرأها مع إخوانك وزملائك ، وفي أي مجلس يجتمع فيه المؤمنون ؛ لذا فإنها سميت ب(( مجالس المؤمنين)).



المجلس الأول

واصبر نفسك



يقول تبارك وتعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)

غذاء القلوب ذكر علام الغيوب ، وقد نادي منادي حي على الفلاح ، فأجابته الأرواح الصحاح.

جلس أهل الشهوات يدنسون ألسنتهم بانتهاك الأعراض، والوثوب على المحرمات، واقتحام أستار المؤمنين، شادوا دورهم، وخربوا قبورهم، زخرفوا برودهم، وهدموا لحودهم.

عندما هب أهل الإيمان على بريد التوفيق مجيبين بلال العزم في سحر الأيام، فأما قلوبهم فمطمئنة بذكر ربهم، وأما ألسنتهم ففي زجل بمدح ربهم، وأما عيونهم فجارية بماء الحب، باعوا دماءهم فهم ينتظرون الذبح في سبيله، وأرخصوا أنفسهم في خدمته فكل تعب في مرضاته راحة، وكل سهر في عبادة أنس، وكل جوع لأجله غنيمة.

إذا رأيت خدام الدنيا يلوحون بالدنانير الطلس، ويتهافتون كالذئاب العلس، فاصبر نفسك.

وإذا دعاك الناكثون في السهرات، الغافلون في الخلوات، المتثاقلون عن الطاعة، المتفلتون عن صلاة الجماعة، فاصبر نفسك.

إذا سمعت نغمة الوتر، وصولة أهل البطر، وجموح المترفين، واستفزاز المرجفين ، فأصبر نفسك.

أيها المؤمنون! هل شممتم مسكاً أزكى من أنفاس التائبين؟ هل سمعتم بماء أعذب من دموع التائبين؟ هل رأيتم لباساً أجمل من لباس المحرمين؟ هل رأيتم زحفاً أقدس من زحف الطائفين؟



يا ساري البرق خذ بالله من خلدي دمع المحبة مجتازاً إلى أضم

فالعين ساكبة والطـرف مكتمل من السهاد وذو الأشواق لم ينم



يا مسلماً هل من ركعتين ودمعتين ، فالحياة بلا ركوع دمار، والعمر بلا دموع خسار.

خلا رسولنا صلي الله عليه وسلم في الغار فهبطت عليه الأنوار، فأتت من الغيب بشري النبوة تتنفس في السحر كالشذى ، وشقت صمت العالم وأنسام التوفيق تحملها السكينة من دار إلى دار، فاستفاقت مكة على هدهدات أنامل الرسالة فإذا بشمس الوحي المبادئ وسمار المجد، وفي كف اليتيم شعل من طور سناء الفتوح، وفي دمعة عقيدة حارة تتحدي الطواغيت والجبابرة، وفي ملامحه وعد يقرؤه أتباعه من القراء والآيبين.

شب اليتيم ونجم سعوده يهوي في بادية بني سعد والملحمة تنادي: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) ، فأشرقت شمسه فكل أرض لم تسعد به فهي شقية، وكل عين لم تشاهده فهي عمياء، ذلك بأن الله يهدي برسوله من يشاء، ويضل من يشاء: )وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إليكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (52) .



المجلس الثاني

وأتممت عليكم نعمتي



نزلت هذه الكلمة في عرفة، وظن بعضهم أن النعمة في الأسكنة والدور والدراهم والقصور والموائد الشهية والمراكب الوطية فأين هذه النعمة إذا من النبي الأمي، وهو الذي ما شبع ثلاث ليال متواليات من خبز الشعير، فهل هو المقصود بقوله : وأتممت عليكم نعمتي والحصير يؤثر في جنبه؟! وأتممت عليكم نعمتي وبيته في قامة الإنسان بني من لبن الطين؟! فأين النعمة؟

ألا إنها تلك المبادئ الخالدة التي جاء بها هو، وعاشها في روحه وضميره ودمه.

ألا أنها أخلاقه العامرة الزكية التي سرت في قلوب أتباعه إلى يوم الدين.

إلا أن النعمة ذلك النور الذي يحمله إلى المتخبطين في الظلام يخرجهم من الظلمات إلى النور والوحي الذي تشرف بتبليغه للعالم: ) وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عليكَ عَظِيماً) (113) ، لقد بعث عليه الصلاة والسلام بهذه الرسالة الربانية التي لم يطرق العالم رسالة مثلها ولم يصدع الكون صوت أنبل منه.

بعث عليه الصلاة والسلام والجزيرة العربية شحيحة الموارد، شاحبة الكنوز، مثقلة الخطا بالتبعات، مبعثرة في دروب التاريخ.

بعث عليه الصلاة والسلام والجزيرة العربية تحتاج إلى دور للرعاية، وملاجئ للعناية، ومستشفيات لمحاربة أمراض الإنسان ، وقلاع عسكرية لحماية الأمة.

بعث عليه الصلاة والسلام في أمة تأكل الميتة، وتقدس الحجر، وتؤمن بالكهانة، فكانت مهمته أعظم من عمارة دار، أو بناء مدرسة، أو تعمير مستشفي أو إقامة قلعة: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (107)

فصاغ العقول بمعدن الفطرة السليمة، وغذي الأرواح بقوت الوحي، وأيقظ الأنفس من سبات الغافلين، وأخبر العالم أن هناك عالماً ثانياً، وحياة أخري، وميعاداً يقوم فيه الناس لرب العالمين، فيا لخسارة الغافل كم يقتل بسكين الهوى وما علم المسكين!، وكم يشنق في حبال الدنيا وهو مستكين، يضحك والموت ينادي ويحك، ويلعب والفناء أطمع في بقائه من أشعب:

ليتنا يوم ولنا المنحني ومررنا بالفضي زرنا ثمد

عسي الله أن يركبنا سفينة محمد صلي الله عليه وسلم، فقد نادانا حادي السيرك اركب معنا ولا تكن من الغافلين،وأذن فينا بلال الإنذار: لا عاصم من أمر الله إلا من رحم.

فالبدار البدار قبل موت الأهل وخراب الدار.



هذا وأيامك الأولي غدت أسفاً

وعمرك الفذ أضحى في الهوى ندما



المجلس الثالث

ذبح لمرضات الله عز وجل



العظماء يذبحون في سبيل العظيم سبحانه؛ لأنهم باعوا له أنفسهم نقداً وقبضوا ثمن الأرواح في مجلس العقد على معاهدة: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ ).

والمفلسون تخرج أنفسهم غصباً ؛ لن الثمن نسيئة وعقد البيع بلا شهود مكتوب فيه: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) .

أما عمر بن الخطاب أبو حفص شيخ الشيوخ وقرة عيون الشباب فأتاه الموت في صلاة الفجر ليعظم الأجر ، ليبدأ يومه في الجنة من نسيم الصباح، وليتهيأ للنزول بعد الرواح أتته منية على رأس الخنجر فضجت دماءه بلا إله إلا الله تتفجر، سال دمه في محراب المسجد يفوح الدم كالمسك ويقطر كالعسجد:



لله درك كل قطرة مسلم حيث دماءك ليلة المحراب

لم تبق عين بعد عينك في الضحى إلا استهلت ثم بالأسباب

حج الفاروق فدعا في الأبطح اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك وميتة في بلد رسولك، فأجاب الله دعوته، وذبح في مرضاته مهجته.

فما أحسن المصرع بين المنبر والروضة، ومزق أديمه وبكي جريمه، وكفنت سعادة الإسلام في أكفانه، وحنطت عدالة الملة في أردانه.

يا صاحب الدرة التي أطرت بها النوم من عيون الخونة الناكثين.

يا صاحب الثوب المرقع الذي حقرت به الدنيا في عيون الناسكين.

يا صاحب الصوت الجهوري الذي أخفت به المارقين.

تا الله لقد صرت إكليلاً على هامة العدالة.

وشهيداً ترويه مجالس السمار لرواد الشجاعة والبسالة.

من لعين شفها طول النوى ولقلب شفة طول السهـد
جسد لفف في أكفـــانه رجمة الله على ذاك الجسد

(وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً).



المجلس الرابع

لا تحزن إن الله معنا



هذه العبارة صاغها رسولنا صلي الله عليه وسلم في لحظة من لحظات معاناته تنفس بها في زمن أحاطت به الدنيا وهو في الغار، يستتر من أعدائه ، فيلاحقونه من كل جانب، ويرصدون عليه الطرق، ويغلقون عليه المنافذ، ويوصدون في وجهه الأبواب ، لكنهم ما استطاعوا أن يغلقوا باباً واحداً ، أو يرصدوا طريقاً واحداً أو يقطعوا حبلاً واحداً.

هنا باب الله المفتوح لمن أراد القرب ممن أدناه.

وهناك حبل الله الممدود لأوليائه المتصل بأحبابه.

هتف عليه الصلاة والسلام للصديق وهما في الغار: لا تحزن إن الله معنا، معنا يرانا ويرعانا، معنا يحوطنا ويحفظنا، معنا يدافع عنا ويقبل منا، معنا بحفظه ورعايته، معنا بحمايته وكفايته، معنا فلا نخاف ولا نهزم ، معنا فلا نخزي ولا نندم، معنا ولو كانت الدنيا معهم.

أنت القوي فقد حملت عقيدة أما سواك فحاملو أوزار

يتفاخرون بهذه الدنيا وقد طبعت على الإراد والإصدار

دنيا وباعوا دينهم في حبها ياذلة المشرى وقبح الشاري

سبحان من حمي رسوله من الحساد والأضداد والأوغاد.

سبحان من جعل العاقبة له وجعل الدائرة على أعدائه.

سبحان من شرح صدره ورفع ذكره وأعلى قدره وأعظم أجره.

سبحان من أراه ألوية الكفر تتمزق، وقلاع الباطل تتحرق، وكتائب الإيمان تتدفق.

(إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عليكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً) .



المجلس الخامس

إني أوعك كما يوعك رجلان منكم



هذه كلمة المعصوم عليه الصلاة والسلام يبوح بها والحمي ملء إهابة تصارعه على فراشه كما صارعته الأحداث والمصائب من كل جانب.

أبنت الدهر عندي كل بنت فكيف نجوت أنت من الزحام

بذلت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي

هذا الجسم البريء ، هذا الكيان الطاهر، هذا الجناب الشريف يرتعد من الحمي ويرتجف من الألم ، ليحصل على أعظم منزلة حصل عليها محموم وأرفع درجة تبوأها مريض.

البلاء على قدرة المحبة، والأجر على مقدار الصبر ، وأعظم حبيب للمولى جلت قدرته هو رسولنا عليه الصلاة والسلام ، والله إذا أحب عبداً ابتلاه ليري صبره، لا يسبقه في مضمار الصبر أحد، وكان قدوة الشاكرين ، لا يتقدمه في باب الشكر مخلوق، فجمع الله له المنزلتين والدرجتين: الصبر في منتهاه، والشكر من أعلاه.

يفديه أصحابه بالآباء والأمهات ، وهو طريح الفراش، كال الطرف، مسهد الأعضاء ، فاتر النظرات، ملتهب الإرهاب ، فيقول : (( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)).

إذاً هناك رب يكفر ، وإيمان يعصم ، وحسنات تعطي، وأجر ينتظر، فهنيئاً لمن اتبع هذا الرسول صلي الله عليه وسلم.



المجلس السادس

تغبير القدم ساعة



لما تهيأ أسامة بن زيد خارجاً بجيشه في سبيل الله بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم ودعه الخليفة الأول، والصديق الكريم، أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ.

أسامة راكب وأبو بكر ماش!! فهم أسامة بالنزول ليركب الخليفة فقال الصديق: لا تنزل والله لأركب، وما على أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله!!

وأنا أقف وإياك أمام هذه الكلمة متسائلين:

يا تري هل هذه أول ساعة يغبر فيها الصديق قدمه؟

أما سبق له أن غبرها كثيراً؟

أما غبرت قدمه في مكة يوم قل الناصر وتوتر القريب وتنكر المعرفة وكثر الشامت؟

أما غبرت قدمه يوم بدر والموت يزحف والكفر يغلي وأرواح المؤمنين تتطاير إلى جنة عرضها السموات والأرض؟

أما غبرت قدمه وهو يزرع صحراء الجزيرة إلى تبوك ، والجوع يقطع أحشاءه ، والظمأ يعصر كبده، والحر يصل إلى كل ذرة في جسمه والغبار يداعب خياشيمه؟

أما غبرت قدمه في الغدوات والروحات والظلمات إلى الجمع والجماعات؟

هذا هو ما فعله أبو بكر الصديق فماذا فعلنا نحن!



متي تغبرت أقدامنا، متي جاهدنا، أين غزواتنا، أين تضخياتنا؟

دع المدح للصديق يشرق في الدجي

ودع كل ذكر في معاليه يكتب



المجلس السابع

فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون



إذا فرح الناس بالمال والجاه فافرح بلا إله إلا الله.

إذا سعدوا بالدرهم والدينار فاسعد بحب الواحد القهار.

إذا نسوا بالأهل والخلان فأنس بذكر الملك الديان.

مساكين هذا الحي ماذر شارق

من البين إلا أمطروا بالمحاجر

يقول رسولنا صلي الله عليه وسلم: (( لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر : احب إلى مما طلعت عليه الشمس)).

فكيف يفرح المؤمن بعد هذا الخطاب بأهل أو أحباب أو مال أو أصحاب. (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفي) .

من خدعته منزلته وأعجبه سلطانه فليتذكر يوم تهدم في القبر أركانه، وتسلط في اللحد أسنانه، ويتقطع في الطين لسانه:

سلاطينهم سل الطين عنهم والرؤوس العظام صارت عظاما

عجباً للموت ذهب بعقول الألباب ومزق ألسنة الخطباء وكسر أقلام الأدباء.

كل شيء يذوب في التراب إلا العمل الصالح، وكل شيء يذهب إلا الذكر الجميل.

(مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ )

وإنما المرء حديث بعده فكن حديثاً حسناً لمن وعي



المجلس الثامن

يا ضعيف العزم


لا تعيش المبادىء إلا مع التضحيات.

هل علمت أن رسول الله صلي عليه وسلم وضع السلا على رأسه، وأدميت عقباه ، وكسرت ثنية ،وشج رأسه ، وقتل أحبابه، وربط الحجر من الجوع على بطنه ، وغلب في بعض المواقف، ونيل من جنابه الطاهر، وحبس في شعب أبي طالب، وسمع السب بأذنيه ورأي المكائد بعينه ، وطرد من دياره، ورمي بالجنون والسحر والكهانة؟!

أما علمت أن أحمد بن حنبل رمي في الحبس، وضرب ضرباً مبرحاً، ومنع من التدريس، وخوف بالقتل!

وهذا ابن تيمية يرمي في السجن، ويهدر دمه، ويسب في عرضه ، ويتهم في دينه!

عمر نحر في المحراب، ومزق جسمه بالحراب.

وعثمان سالت مهجته بسيف الثوار على المصحف وهو في الثمانين.

وعلى ضرب جبينه بسيف الخوارج حتى سال دم رأسه من رأس لحيته.

كيف تنبت أشجار المبادئ والأفكار بلا مواقف؟

كيف تعشق القلوب جباناً يعيش لبطنه؟

كيف تحب الأمة حقيراً ليس له في التضحية تاريخ، وفي البطولة قدم ، ولا في الإقدام منبر؟

يا صاحب المثل العليا وهل حملت

روح الرسالات إلا روح مختار



المجلس التاسع

ورفعنا لك ذكرك


أين من حارب الرسل عليهم الصلاة والسلام؟ أين ذكرهم؟

ما عاقبتهم؟

أين من نصب العداء للمعصوم؟

ذهبت ريحهم، وسفلت كلمتهم، وقطع دابرهم، وعاشت مبادؤه، وانتشرت رسالته، وانتصرت كتائبه، نسخ تاريخهم من القلوب، وكتب تاريخه بمدح علام الغيوب. اسمه يدوي فوق المنابر، وتعاليمه تجلجل في كل مجمع.

اين من سجن أحمد بن حنبل وجلده : ) هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) ، أحمد بن حنبل معنا دائماً بذكره ، وعلمه، وسيرته، وفضله، وهم ، لا نعرفهم، ولا نذكرهم ، ولا نحبهم.

أين خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية؟ مات تاريخهم معهم وفتاويهم وأقوالهم، هم نكرات في العالم ، وهوامش في الدواوين، منسيون في ذاكرة الزمن، وهو ملء السمع والبصر، ذكره يشنف الآذان، وصوته يجلجل في الأزمان، وعلمه يوزع في الشيوخ والشبان: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).

سري ذكرهم كالمسك ينشر في الورى

وذكر سواهم زكمة في الخياشم

أشرق التاريخ بنور ربه يسجل اللامعين، وغربت شمس عبيد الدنيا بأسمائهم، ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ).



المجلس العاشر

أليس الله بكاف عبده


أرض بكفاية الله يكفك عن كل كافية، فإنه غالب على أمره، ولا يغلبه أحد، وتوكل عليه فإنه حي لا يموت ، وسواه ميت .

أما كفي إبراهيم الخليل وقد ألقي في النار فصيرها له برداً وسلاماً؟

أما أنجي نوحاً من الطوفان يوم صارت الأرض كوكباً في بحر الماء؟

أما شق البحر لموسى ودمر عدوه وفجر له الصخر بالماء العذب؟

أما حملا رسولنا صلي الله عليه وسلم في كل معترك، أما أنقذه من الويلات؟

أما نجاه من الاغتيالات ، أما نصره في الغزوات، أما آنس قلبه من الوحشة ، وثبت فؤاده في الهول ، وشد أزره في النازلات؟

من الذي دعاه فما لباه؟ ومن هو الذي اطرح على عتباته فما أجاب دعواه؟ ومن الذي سأله فما أعطاه؟ ومن الذي لجأ إليه فما كفاه؟ (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) يغني ويفقر، ويحيي ويميت ، ويولي ويعزل، ويملك ويخلع، ويمرض ويشافي، ويبتلي ويعافي.

النواصي بيده ، والمقاليد في قبضته، والخلائق في تصرفه.

الجأ إليه إذا دهتك مهمة واقصد جناب الواحد القهار

واعلم بأن الله جل جلاله هو كاتب الأرزاق والأقدار

بالله عليك يا مسلم أن تقرع بابه وأن تقصد جنابه، وأن تتدبر كتابه، وأن تصاحب أحبابه، عندها سوف تجد اليسر والفلاح وتغنم الأجر والنجاح: ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإليه تُرْجَعُونَ)



المجلس الحادي عشر

ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون


الأعلون عقيدة، فهي بيضاء راسخة الجبال، صادقة صدق الفجر، كالمة كمال حاملها صلي الله عليه وسلم.

الأعلون عبودية، فالرب والإله والناصر والكافي والرازق هو الله رب العالمين.

والأعلون مثلاً ، فهي صفوة التعاليم وخلاصة قيم الأمم وغرة ما وصلت إليها الكتب المقدسة.

والأعلون كتاباً فهو وحي يوحى، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لا يمل على كثرة التردد، ولا تنفي عجائبه، ولا تنقضي عبره.

والأعلون رسالة، فهي ربانية عالمية شاملة كاملة، فهي سر إنقاذ العالم، ومكنون فلاح الإنسان، ومصدر نجاة البشر في دنياهم وأخراهم.

والأعلون قائداً؛ فهو معصوم، مؤيد بالوحى، ظاهر بالحجة، متكلم بالبرهان، حاكم بالعدل ، حامل للحق، ناشر للفضيلة، قدوة للأنام.

والأعلون تاريخاً ،ففي القائمة الصديق والفروق وذو النورين وأبو السبطين وسيف الله وحواري رسول الله صلي الله عليه وسلم وأمين الأمة وهلم جرا..

والأعلون تضحية فسلو بدرا واحدا والقادسية وإليرموك وحطين وعين جالوت، سلوا جماجم الشرفاء في روابي الدنيا لماذا قطعت؟ وسلوا دماء الأبطال في أودية المعمورة لم سفكت؟ وسلوا المهج الطاهرة وقد سئلت على أي مبدأ قتلت؟

والأعلون تراثاً ، فليس حكايات ألف ليلة، ولا أكاذيب حمورابي وهوس أفلاطون، ولا أحلام شكسبير ، ولكنه كتاب يتلى، وسنة تتبع ، وآيات وعظات، وسلطان وبرهان، ونور وهداية ، وشفاء لما في الصدور.



المجلس الثاني عشر
إن الله اشترى



عقد مكتوب، وميثاق موقع، وسلعة تعرض، ومهج تباع.

المشتري هو الله جل جلاله: ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً) ، والباعة المؤمنون رواد بدر وأحد وتلك المواقف المأثورة والمشاهد المذكور، والسلعة جنة عرضها السموات والأرض من دخلها لا يهرم ولا يندم، ولا يبلى شبابه، ولا تذبل ثيابه، والثمن مهج المصلين طارت من الصدور على رؤوس السيوف وتناثرت من الأحشاء على صدور وأكمل وأشرف وألطف.



أمضاه أحمد عن أبطال أمته والله أنزله عهداً وميثاقا

في مجلس فيه جبريل شهادته تملى فعش هذه الأيام أشواقا



الأموال والأنفس والأعراض والجماجم والدماء كلها لمن خلقها، وإنما هي عندنا عارية وصاحب العارية أحق بها، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) .

ليس لنا شيء ولا معنا شيء، ولا منا شيء ، العطاء والهبة والمنح والأيادي من الله عز وجل، خلق ورزق ، وعافي وستر ولطف وتكفل.

من بخل بمهجته في سبيل الله خرجت منه غصباً وسالت رخيصة وذهبت ذليلة:

نفوس تذوق الموت قتلا ولا تري سوي القتل للمجد المبجل مكسباً



المجلس الثالث عشر

إن هؤلاء يحبون العاجلة



عبيد الدرهم والدنانير أذيال الدنيا، الحقراء التافهون لا هم لهم ولا مقاصد ، مطالبهم في الحياة كساء وغذاء ولذة.

بخلاء جبناء، ألسنتهم والغة في أعراض الأوفياء، وأيديهم مقبوضة عن العطاء، وقلوبهم قاسية مليئة بالبغضاء، يحبون العاجلة فيعملون لها، ويتحابون من أجلها، ويرتاحون لذكرها، ويحبون العاجلة فيخدمونها فهم قيام في ليالي الهوى على أقدام الطمع، فقراء ولو جمعوا، جوعي ولو شبعوا:

ومن يتق الساعات في جمع ماله

مخافة فقر فالذي صنع الفقر

يحبون العاجلة وهي عاجلة في سعادتها فلا تدوم، عاجلة في راحتها فلا تبقي، عاجلة في عمرها فلا تستمر.

ذنبهم أنهم يحبون العاجلة وسيئتهم انهم يعشقون العاجلة.

نسوا ذكر الله، وهجروا بيوته، وصدوا عن سبيله؛ لأنهم يحبون العاجلة.

حاربوا أولياء الله، وتعدوا حدوده، وانتهكوا حرماته؛ لأنهم يحبون العاجلة.

يستعجلون شهواتهم، ويبحثون عن رغباتهم، وهم سكارى في غفلاتهم، ويكفي انهم يحبون العاجلة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مجالس المؤمنين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مجالس المؤمنين
» معاملة الرسول لزوجاته امهات المؤمنين
» مؤثر جدااا: يهودي يسلم بسبب عدل أمير المؤمنين والقاضي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ابو اسامه السلفى :: العلماء والدعاه-
انتقل الى: