شرح كتاب مدارج السالكين
الشيخ محمد حسين يعقوب
تفريغ الحلقة الثانية
أحبتي في الله .. مازلنا في قضية التزكية و أهميتها من الدين و لكي نصل إلى فهم حقيقي لموضوع التزكية ينبغي أن أبسط لك القول قليلاً في:
أنك إلتزمت بمعنى أنك أعفيت لحيتك أو بمعنى أنك تركت المعاصي ، كنت تتابع ((أفلام و مسلسلات)) في التلفاز فتركت كنت تتابع أشرطة أغاني و ((موسيقى)) فتركت كنت تصاحب نساء أو تخرج في معاصي ظاهرة فتركت كنت تدخن فتركت كنت لا تصلي فتركت .. تبت من المعاصي هذا معنى إلتزمت .
تركت المعاصي و أقبلت على الطاعات بدأت تصلي و تقرأ القرآن و تفهم دين ، سرت في هذا الطريق قليلاً او كثيراً سنة أو سنتين أو ستة أشهر، أكثر أو أقل ، ما الذي حصل ؟! كيف حال قلبك الآن مع الله ؟! هذا هو السؤال ؟! أنت تركت المعاصي و أقبلت على الطاعات كيف حال قلبك ؟!
ضع هذا مبحثاً نتكلم فيه :
ما هو القلب ؟ و ما علاقته بالأعمال ؟ و ما السبيل إلى إصلاحه ؟ و كيف نعرف مدارجه و مسالكه ؟
هذه هي قضية التزكية التي هي متعلقة بهذا القلب ، أنت سرت في هذا الطريق قليلاً أو كثيراً أين أنت من الله ؟! إلى أين وصلت ؟!
ضع هذه مبحث أخر مسألة أخرى:
الطريق إلى الله !!
إننا حين إلتزمنا أو و إن لم نلتزم سائرون إلى الله ..
جلس أحد الناس أمام عالم فرأي شيب لحيته ، فقال : كم عمرك ؟
قال : ستون سنة.
قال : ستون سنة و أنت إلى الله سائر أوشكت أن تدركه !!
فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون
قال : من علم أنه إلى الله راجع علم أنه موقوف و من علم أنه موقوف علم أنه مسئول و من علم أنه مسئول أعد لكل سؤال جواباً ، فهل أعددت لكل سؤال جواباً ؟!
هذا الكلام أيها الأخوة لا يوجه إلى من بلغ الستين ، بمعنى أنك بلغت عشرون عاماً أو خمسة و عشرون عاماً أو أكثر أو أقل فأنت سائر إلى الله عز و جل هذه المدة ، كون أن ينتهي الخط وتسقط في القبر ليس مرتبطاً بالسن فليس معروفاً عند سن كم يموت الإنسان ، هناك من يموت من الشباب في العشرينات كثير جداً سواء في حادث سيارة أو في غرق أو في مرض أو في غيرها أو بدون أسباب ينام فيموت ، إذن أنت إلى الله سائر نهاية هذا السير ستسقط في القبر إذا سقطت في القبر ، سيحاسبك فوراً.
قال الله تعالى : ( ... أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) [النور : 39]
إذا سقطت في القبر فوجدت الله فوفاك حسابك .. تُرى .. إلى أين سيأمر بك ؟!
( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ) [الحاقة]
أو ستقول :
( ... هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) ) [الحاقة]
أي الرجلين أنت ؟!
هذه هي قضية التزكية أن ينفتح في القلب عين ترى بها أين أنت من الله ؟ أين أنت في الطريق إلى الله ؟ إذن القضية ليست : أنا إلتزمت منذ كم سنة .. وطول لحيتي .. وقدر مطالعاتي .. وإنما القضية ماذا فعل هذا في قلبك ؟!
قلت لكم في اللقاء الماضي أننا سننطلق في مدارج السالكين و لا يعرف قيمة المدارج إلا من درج ، مدارج السالكين كتبه ابن القيم أظنه في أصفى أيام حياته في أعلى درجة إيمانية وصل إليها ابن القيم كتب هذا الكتاب القيم في أحوال القلوب.
أيها الأخوة سيأتي معنا في المدارج قول ابن القيم : ( بين العمل وبين القلب مسافة و بين القلب و بين الرب مسافة ) ، فقد تجد الرجل كثير العمل يصوم و يقرأ قرآن و يذكر الله و يتصدق و يصلي و ما وصل إلى قلبه من عمله شيء.
كما يقول بن القيم : ( فقد تجد الرجل أقوم الناس اطوع الناس و هو أبعد الناس عن الله ) ،فأنت صليت معنا الآن ثم خرجت من الصلاة ، ماذا صنعت هذه الصلاة في قلبك ؟! قرأت جزءاً من القرآن ماذا صنعت هذه القراءة في قلبك ؟! تصدقت بدراهم ماذا صنعت هذه الصدقة في قلبك ؟!
هذه هي : الأثر في القلب !!
بين العمل و القلب مسافة و بين القلب و بين الرب مسافة ، في هذه المسافات – كما يقول بن القيم – : ( قطاع طرق يقطعون الطريق على العمل أن يصل إلى القلب ، و على القلب أن يصل إلى الرب )
يقول بن القيم : ( و قد تستولي النفس على العمل الصالح فتصيره جنداً لها ، فتصول به و تطغى فترى الرجل أعبد ما يكون و أطوع ما يكون و هو عن الله أبعد ما يكون )
هذه هي النقطة : قد تستولي النفس على العمل الصالح !!
أنت صليت فهل هذه الصلاة وصلت لقلبك ، لو وصلت لقلبك تنهاك عن الفحشاء و المنكر ، لكنك تجد إنسان يصلي و على باب المسجد ينظر إلى إمرأة متبرجة ، على باب المسجد يكذب كذبة ، على باب المسجد يتكلم مع أخر و يغتاب غيبة ، فماذا فعلت الصلاة ؟!
هذه هي التزكية ، كيف يصل العمل إلى القلب ؟! بإزالة قطاع الطرق بين العمل و بين القلب ، والمدارج هي قضية الترقي درجة درجة.
المأساة يا شباب أن الشباب إلتزموا اليوم بالآلاف ، بعشرات الآلاف ، بمئات الآلاف ، لكن من رباه ؟ من أخذ بيده ؟ من علمه ؟ من فهمه الطريق إلى الله ؟
إلتزم .. فقرأ صفحتين من كتاب ، وسمع شريطين ، و شاهد حلقتين ، و إنتهت القضية عند هذا الحد!! لا ، أنا أريدك أخي الكريم أن تفهم أن المسألة هي : درجة درجة ، كم كانت الزيادة اليوم في الطريق إلى الله ؟ كم تقدمت ؟ ماذا فهمت ؟ أحسست بماذا ؟ هذا هو الموضوع.
المدارج هي القضية درجة درجة
فعندما سنتحدث عن أول درجة تجدها :اليقظة.
ما هي اليقظة ؟ هي إنزعاج القلب لروعة الإنتباه من رقدة الغافلين.
وما هي أركان اليقظة ؟
1– لحظ القلب إلى النعمة.
2 – مطالعة الجناية.
3 – معرفة الزيادة و النقصان من الأيام.
سنفهم الدين .. سننطلق في الدين .. لا بد أن ننطلق هذه الإنطلاقة بالتدرج درجة درجة ، منزلة اليقظة .. ثم منزلة الفكرة .. ثم منزلة البصيرة .. ثم منزلة العزم .. منزلة منزلة ... ثم سنصل للمحاسبة ثم الإنابة ثم التذكر ثم الإعتصام .. منزلة منزلة .. كل منزلة من هذه المنازل نعيشها نحياها حياة حقيقة ، فكم نحن بحاجة إلى هذا الفهم للتزكية المؤصل سلفياً.
لأن كثيراً من الشباب يعيش مع شديد الأسف الصحراوية الروحية ، يعيش في صحراء قاحلة ، خشونة و يبس و قسوة للقلب ، هذه القسوة التي تصيب القلب فتجمد العين.
إني أريد أن أسألك :
متى كانت أخر مرة دمعت فيها عيناك من خشية الله في خلوة ؟!
إنني أريد أن أسألك :
إن الإيمان له لذة و له طعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : << ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا>> [(صحيح) انظر حديث رقم: 3425 في صحيح الجامع]
إذن أثبت رسول الله أن للإيمان طعم .. هذا الطعم يذاق .. ما هو طعمه ؟! إن طعمه حلو .
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : << ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 3044 في صحيح الجامع]
فلو كان إيمانك عالياً ، لذقت حلاوة طعم الإيمان ، هل ذقت هذا الطعم ؟! يمكننا ألا نصارح أنفسنا ، يمكنك أن تخدعني ، يمكنك أن تهرب من السؤال ، لكني أريدك في مواجهة صريحة مع نفسك
هل ذقت طعم الإيمان ؟!
إنني أريد أن أسألك :
متى كانت أخر مرة اشتقت فيها إلى رؤية وجه الله الكريم ؟!
لطالما اشتقت أن ترى فلان ، واشتقت أن تجلس مع فلان ، الآن أنت لا تحتاج مني أن أذكر لك معنى كلمة شوق ، تخيل كأنك مشتاق لرؤية أولادك بعد أن كنت غائب عنهم لمدة ،أو مشتاق لرؤية زوجتك أو والدك إن كان مسافراً لمدة أو متوفياً فكيف يكون إحساسك ؟! هذا الإحساس بذاته ، هل نفس الإحساس أحسسته هو هو و اشتقت لرؤية وجه الله الكريم ، هل اشتقت أن يكلمك ؟
إن هذه المعاني غائبة غير موجودة في وسط الماديات التي نعيش فيها ، فتجد أحدهم يتمنى أن يأكل أو ينام أو يتزوج أو يسكن أو يذهب أو يأتي ، لكنه لا يشتاق إلى هذه المعاني ؟!
هذا هو عمل التزكية ، صناعة القلب ، لكي يحس لكي يفهم لكي يشعر لكي يعيش.
أخوتي .. إذا قلنا إن الإنسان عبارة عن جسد و روح ، الجسد أصله حفنة تراب فقد قال الله تعالى : (.... وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ) [السجدة : 7] فالجسد حفنة من تراب و قال الله تعالى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ..... ) [السجدة : 9] إذن الروح شيء أخر غير الجسد ، الجسد من تراب و طين أما الروح فقد قال الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) [الإسراء : 85] فإذن الجسد عندما يجوع ، من أين يأكل ؟ لأن الجسم من تراب فعندما يجوع يأكل من تراب فالطعام مرده إلى الأرض ، عندما يظمأ نسقيه من ما هو مرده إلى الأرض ، لأن الإنسان مرده إلى الأرض لذا دائماً الطعام و الشراب مردوده إلى الأرض.
وكما أن الجسد يجوع و يأكل من شيء مردوده إلى الأرض ، ويظمأ فنسقيه من شيء مردوده إلى الأرض ، ويتعرى فنكسيه من شيء مردوده إلى الأرض ، ويتعب فينام على الأرض ، كذلك الروح تظمأ و تجوع و تتعرى و تتعب و تمل ، لكن علاجها ليس من شيء مردوده إلى الأرض كالجسد !!
كثيراً ذكرت أن من يعالج الناس نفسياً عن طريق أدوية مخطيء لأنه بهذا الشكل لا يعالجوهم بل يمرضوهم لأن علاج النفس لا يمكن أن يكون بمادة لكن :
علاج النفس يكون بإصلاح النفس بالمعاني
كثيراً ذكرت هذا المثال فاعذروني و إسمعوه مرة أخرى:
بعض الناس يأتيك قائلاً : ((أنا تعبان)) .
تسأله : ما بك ؟
يرد : ((مضايق)) .
تسأله : من ماذا ؟
يرد : ((مش عارف ، أرفان حاسس إني أنا مخنوق صدري مقفول )).
تسأله : هل تحتاج مالاً ؟
يرد : (( لا و الله .. يا عم الشيخ إنتا مش عارفني الموضوع مش موضوع فلوس )) .
تسأله : هل يوجد مشاكل مع زوجتك ؟
يرد : (( بالعكس دي تتمنالي الرضا أرضى )).
تسأله : هل هناك مكروه مع أولادك ؟
يرد : ((و الله زي الفل)) .
تسأله : هل هناك ظروف في عملك ؟
يرد : ((و الله كله تمام)) .
تسأله : ماذا إذن ؟!
يرد : ((مش عارف مش عارف مش عارف تعبان أنا تعبان )) .
تسأله : من ماذا إذن ؟
يرد : ((معرفش !!)).
إن هذا التعب هو تعب الروح ، ما يشتكي منه هذا الشخص ليس جسده إنما هي الروح ، و لهذا تجد أصحاب الهوى يخبروه قائلين : ((طيب غير جو ، روح صيف ، إمشي مع واحدة ، إسمع أغاني)) بالفعل يقوم بعمل هذه الأشياء فيزداد النكد و يزداد الهم و يزداد الألم و يزداد الضيق ، إن روحه من الداخل تصرخ ، إنها جوعانة ظمآنة ، ولكنه لا يدري فيظل يبحث في الماديات في الطعام في الشراب في الملابس في السماع في الضحك لكنه يضحك من فمه و فقط ليس من قلبه !! الروح تحتاج علاجاً من المكان الذي أتت منه ، قال الله تعالى : (... مِنْ أَمْرِ رَبِّي ...) [الإسراء : 85]
هذا هو عمل التزكية أن نبدأ في معرفة أمر ربنا جلا و علا في الروح
هنا يجب التنبيه على أمر هام إن هذا الأمر لا يكون في يوم و ليلة كأن يقول أحدهم عندما يسمع هذا الكلام : (( أه يا سلام و الله هو ده الكلام إللي أنا عايزه ، فعلاً إنتا كنت فين !! )).
هو يريد من الغد أن يحس و أن يذوق وأن تدمع عيناه ، كل هذه الأمور تحتاج جهد كبير ووقت طويل ، هذه هي قضية المدارج.
معنا بقية من وقت فهيا نكمل فيها فقط مدخل لقضية التدرج ، نحن نريد أن نفهم أصل السير إلى الله سبحانه و تعالى .
أيها الأخوة .. إني أحبكم في الله ... انتبه معي ..
الطريق إلى الله تقطع بالقلوب لا بالأقدام !! أثبت هذا الأصل ، إن الموضوع بداية و نهاية هو موضوع القلب ، أين قلبك يا عبد الله ؟!
و لكي أستطيع الكلام معكم اليوم لابد أن يحضر قلبك ، هناك كثير من الناس تعيش في هذه الدنيا بلا قلب حقيقي قلبه مات منذ زمن ، إنني أريدك أن تحضر قلبك ، كثير في هذا الزمان - حقيقة و الله حقيقة- يعيش بدون قلب ، يصلي و قلبه غير حاضر، يقرأ قرآن أو يسمعه مثل الجرائد ، ينظر إلى الناس و هم يبكون و يسأل على ماذا يبكون ؟! ليس هذا فقط !! بل يأكل بلا قلب و يشرب بلا قلب و يعامل زوجته وأولاده بلا قلب !! قلبه ضاع .. مات قلبه !! هذا الإنسان يحتاج إلى إحياء قلبه مرة أخرى ..
قد كان لي قلب أعيش به *** ثم ضاع مني في تقلبه
رب فــــاردده عـــلـــــــيّ *** فقد أعياني في تطلــبـه
نعم .. أحبتي هذا القلب الذي يحتاج إلى إحياء و بداية الحياة هي صدق اللجوء إلى الله و هذا ليس كلامي .. و لكن كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : << كان أكثر دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 4801 في صحيح الجامع]
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : << لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 7707 في صحيح الجامع]
قال أبو هريرة رضي الله عنه وهو يشرح : ( ينزع منه الإيمان كما يخلع أحدكم القميص من رأسه)
فتجد واحداً مرت به متبرجة فنظر إليها ثم دخل صلى وقال إني تبت ، إذن عندما نظر إليها خلع الإيمان و لما تاب لبس الإيمان مرة كأخرى كالقميص .
و تجد آخراً كذب كذبة و بعدها تاب و دخل المسجد يقول يارب إغفرلي فلما كذب خلع الإيمان و لما تاب لبس الإيمان مرة أخرى .. و هكذا ،،
و مع كثرة نزع الإيمان هكذا ماذا سيحدث ؟! يبلى الإيمان .. يتقطع .. يخلق ..
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : << إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم>> [(صحيح) انظر حديث رقم: 1590 في صحيح الجامع] ويخلق تعني : يبلى و يتقطع و يقدم.
قلبك يحدث له مثل هذا بالضبط من إستهلاكه في غير ما صنع له ، يفسد يتقطع ينتهي ، و يموت و لا يصبح لديك قلب !! يصبح ما بداخلك هواء !!
قال الله تعالى : ( ... وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ) [إبراهيم : 43] كما كان في الدنيا يصبح في الآخرة هواء .
الشاهد أنك تحتاج إلى تجديد القلب لكي ننطلق يا أخوة لابد من حضور القلب
هذا شرط إنني أريد قلبك لكي ننطلق في هذه المدارج درجة بعد درجة ، لكي ننزل في منزلة منزلة و نعيشها ، كما قال ابن القيم : ( كأن العبد في نوم الغفلة .. قلبه نائم و طرفه يقظان ) إن الإنسان يعيش عينه مفتحه و قلبه نائم.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : << ... ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل ... >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 1584 في صحيح الجامع] وينام النومة تعني نوم القلب .
إننا نريد أن نوقظ قلوبنا نحييها نصلحها حتى تستطيع أن تستوعب حتى تبدأ في الفهم حتى تبدأ في العيش حتى تبدأ أن تحس حتى تبدأ أن تنطلق حتى تبدأ أن تستمتع حتى تبدأ أن تستلذ حتى يصبح لها وجود حتى يصبح لها حياة حتى يصبح لها دور حتى يصبح لها مكان في حياتنا لأن الطريق إلى الله تقطع بالقلوب و لا تقطع بالأقدام
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: << إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 1862 في صحيح الجامع]
ولأني لا أستطيع أن أتأكد الأن أنك أعطيتني قلبك ، لأنه لا يحضر في دقيقة فهو يحتاج عمل و جهد ، أتركك إلى أن ألتقي معك اللقاء القادم يكون معك قلبك حتى نبدأ في الحديث عن السير إلى الله ، وكيف نبدأ في السير من أجل الوصول إلى الله سبحانه و تعالى ؟
((إنتا ناوي .. إنتا عايز .. إنتا مهتم .. حضر قلب و تعالى نتفاهم))
أحبكم في الله و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح كتاب مدارج السالكين
الشيخ محمد حسين يعقوب