ابو اسامه السلفى
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أهلا ومرحبا بكم في منتدى ابواسامه السلفي
يسعدنا ويشرفنا تواجدكم وتسجيلكم معا
ونسال الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
ابو اسامه السلفى
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أهلا ومرحبا بكم في منتدى ابواسامه السلفي
يسعدنا ويشرفنا تواجدكم وتسجيلكم معا
ونسال الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
ابو اسامه السلفى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ابو اسامه السلفى



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
كل عام وانتم بخير........ وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

 

 أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول)

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أبوعبدالملك




أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) 8vuutv
أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) 3210
عدد المساهمات : 411
نقاط : 27663
تاريخ التسجيل : 25/03/2010

أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) Empty
مُساهمةموضوع: أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول)   أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) Icon_minitimeالأحد 25 أبريل 2010, 5:05 pm

شبكة مشكاة الإسلامية
أمراض القلوب وشفاؤها
ابن قيم الجوزية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما
فصل في أمراض القلوب وشفائها
قال الله تعالى عن المنافقين البقرة في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وقال تعالى الحج ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وقال الأحزاب لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا وقال المدثر ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا اراد الله بهذا مثلا وقال تعالى يونس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين وقال الإسراء وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا وقال التوبة ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم و مرض البدن خلال صحته وصلاحه وهو فساد يكون فيه يفسد به إدراكه وحركته الطبيعية فإدراكه إما أن يذهب كالعمى والصمم وإما أن يدرك الأشياء على خلاف ما هي عليه كما يدرك الحلو مرا وكما يخيل إليه أشياء لا حقيقة لها في الخارج وأما فساد حركته الطبيعية فمثل أن تضعف قوته عن الهضم أو مثل أن يبغض الأغذية التي يحتاج إليها ويحب الاشياء التي تضره ويحصل له من الالام

بحسب ذلك ولكن مع ذلك المرض لم يمت ولم يهلك بل فيه نوع قوة على إدراك الحركة الارادية في الجملة فيتولد من ذلك ألم يحصل في البدن إما بسبب فساد الكمية أو الكيفية فالأول إما لنقص المادة فيحتاج إلى غذاء وإما بسب زيادتها فيحتاج إلى استفراغ والثاني كقوة في الحرارة والبرودة خارج عن الاعتدال فيداوى وكذلك مرض القلب هو نوع فساد يحصل له يفسد به تصوره وإرادته فتصوره بالشبهات التي تعرض له حتى لا يرى الحق أو يراه على خلاف ما هو عليه وإرادته بحيث يبغض الحق النافع ويحب الباطل الضار فلهذا يفسر المرض تارة بالشك والريب كما فسر مجاهد وقتادة قوله البقرة في قلوبهم مرض أي شك وارة يفسر بشوة الزنا كما فسر به قوله الأحزاب فيطمع الذي في قلبه مرض في قلبه مرض ولهذا صنف الخرائطي كتاب اعتلال القلوب أي مرضها وأراد به مرضها بالشهوة والمريض يؤذيه مالا يؤذي الصحيح فيضره يسير الحر والبرد والعمل ونحو ذلك من الأمور التي لا يقوى عليها لضعفه بالمرض والمرض في الجملة يضعف المريض بجعل قوته ضعيفة لا تطيق ما يطيقه القوى والصحة تحفظ بالمثل وتزال بالضد والمرض يقوى بمثل سببه ويزول بضده فإذا حصل للمريض مثل سبب مرضه زاد مرضه وزاد ضعف قوته حتى ربما يهلك وإن حصل له ما يقوى القوة ويزيل المرض كان بالعكس و مرض القلب ألم يحصل في القلب كالغيظ من عدو استولى عليك فإن ذلك يؤلم القلب قال الله تعالى التوبة ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم فشفاؤهم بزوال ما حصل في قلوبهم من الالم ويقال فلان شفى غيظه وفي القود استشفاء أولياء المقتول ونحو ذلك فهذا شفاء من الغم والغيظ والحزن وكل هذه آلام تحصل في النفس وكذلك الشك والجهل يؤلم القلب قال النبي صلى الله عليه وسلم هلا سألوا إذا لم يعلموا فإن شفاء العي السؤال والشاك في الشيء المرتاب فيه يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين ويقال للعالم الذي اجاب بما يبين الحق قد شفاني بالجواب و المرض دون الموت فالقلب يموت بالجهل المطلق ويمرض بنوع من الجهل فله موت ومرض وحياة وشفاء وحياته وموته ومرضه وشفاؤه أعظم من حياة البدن وموته ومرضه وشفائه فلهذا مرض القلب إذا ورد عليه شبهة أو شهوة

قوت مرضه وإن حصلت له حكمة وموعظة كانت من أسباب صلاحه وشفاءه قال تعالى الحج ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض لأن ذلك أورث شبهة عندهم والقاسية قلوبهم ليبسها فأولئك قلوبهم ضعيفة بالمرض فصار ما ألقى الشيطان فتنة لهم وهؤلاء كانت قلوبهم قاسية عن الايمان فصار فتنة لهم وقال الأحزاب لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة كما قال المدثر وليقول الذين في قلوبهم مرض لم تمت قلوبهم كموت قلوب الكفار والمنافقين وليست صحيحة صالحة كصالح قلوب المؤمنين بل فيهامرض شبهة وشهوات وكذلك الأحزاب فيطمع الذي في قلبه مرض وهو مرض الشهوة فإن القلبالصحيح لو تعرضت له المرأة لم يلتفت إليها بخلاف القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل إلىما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه فإذا خضعن بالقول طمع الذي في قلبه مرض و القرآن شفاء لما في الصدور ومن في قلبه أمراض الشبهات والشهوات ففيه من البينات ما يزيل الحق من الباطل فيزيل أمراض الشبهة المفسدة للعلم والتصور والادراك بحيث يرى الاشياء على ما هي عليه وفيه من الحكمة والموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب والقصص التي فيها عبرة ما يوجب صلاح القلب فيرغب القلب فيما ينفعه ويرغب عما يضره فيبقى القلب محبا للرشاد مبغضا للغي بعد أن كان مريدا للغي مبغضا للرشاد فالقرآن مزيل للأمراض الموجبة للإرادات الفاسدة حتى يصلح القلب فتصلح إرادته ويعود إلى فطرته التي فطر عليها كما يعود البدن إلى الحال الطبيعي ويغتذي القلب من الايمان والقرآن بما يزكيه ويؤيده كماي يتغذى البدن بما ينميه ويوقمه فإن زكاة القلب مثل نماء البدن و الزكاة في اللغة النماء والزيادة في الصلاح يقال زكا الشيء إذا نما في الصلاح فالقلب يحتاج ان يتربى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح كما يحتاج البدن أن يربى بالأغذية المصلحة له ولا بد مع ذلك من منع ما يضره فلا ينمو البدن إلا باعطاء ما ينفعه ومنع ما يضره وكذلك القلب لا يزكو فينمو ويتم صلاحه إلا بحصول ما ينفعه ودفع ما يضره وكذلك الزرع لا يزكو إلا بهذا و الصدقة لما كانت تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار صار القلب يزكو بها وزكاته معنى زائد على طهارته من الذنب قال الله تعالى التوبة خذ

من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وكذلك ترك الفواحش يزكو به القلب وكذلك ترك المعاصي فإنها بمنزلة الاخلاط الرديئة في البدن ومثل الدغل في الزرع فإذا استفرغ البدن من الاخلاط الرديئة كاستخراج الدم الزائد تخلصت القوة الطبيعية واستراحت فينمو البدن وكذلك القلب إذاتاب من الذنوب كان استفراغا من تخليطاته حيث خلط عملا صالحا وآخر شيئا فإذا تاب من الذنوب تخلصت قوة القلب وإراداته للأعمال الصالحة واستراح القلب من تلك الحوادث الفاسدة التي كانت فيه فزكاة القلب بحيث ينمو ويكمل قال تعالى النور ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا وقال تعالى النور وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم وقال النور قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما ينصعون وقال تعالى الاعلى قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى وقال تعالى الشمس قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها وقال تعالى عبس وما يدريك لعله يزكى وقال تعالى النازعات فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى فالتزكية وإن كان أصلها النماء والبركة وزيادة الخير فإنما تحصل بإزالة الشر فلهذا صار التزكي يجمع هذا وهذا وقال فصلت وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهي التوحيد والإيمان الذي به يزكو القلب فإنه يتضمن نفي إلهية ما سوى الحق من القلب وإثبات إليهة الحق في القلب وهو حقيقة لا إله إلا الله وهذا أصل ما تزكو به القلوب و التزكية جعل الشيء زكيا إما في ذاته وإما في الاعتقاد والخبر كما يقال عدلته إذا جعلته عدلا في نفسه أو في اعتقاد الناس قال تعالى النجم فلا تزكوا أنفسكم أي تخبروا بزكاتها وهذا غير قوله الشمس قد افلح من زكاها ولهذا قال النجم هو أعلم بمن اتقى وكان اسم زينب برة فقيل تزكى نفسها فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وأما قوله النساء ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء أي يجعله زاكيا ويخبر بزكاته كما يزكى المزكي الشهود بعدلهم و العدل هو الاعتدال والاعتدال هو صلاح القلب كما أن الظلم فساده ولهذا جميع الذنوب يكون الرجل فيها ظالما لنفسه والظلم خلاف العدل فلم

يعدل على نفسه بل ظلمها فصلاح القلب في العدل وفساده في الظلم وإذا ظلم العبد نفسه فهو الظالم وهو المظلوم كذلك إذا عدل فهو العادل والمعدول عليه فمنه العمل وعليه تعود ثمرة العمل من خير وشر قال تعالى البقرة لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت و العمل له أثر في القلب من نفع وضر وصلاح قبل أثره في الخارج فصلاحها عدل لها وفسادها ظلم لها قال تعالى فصلت من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وقال تعالى الإسراء إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها قال بعض السلف إن للحسنة لنورا في القلب وقوة في البدن وضياء في الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة لظلمة في القلب وسوادا في الوجه ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضا في قلوب الخلق وقال تعالى الطور كل امرئ بما كسب رهين وقال تعالى المدثر كل نفس بما كسبت رهينة وقال الأنعام وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا و تبسل أي ترتهن وتحبس وتؤسر كما أن الجسد إذا صح من مرضه قيل قد اعتدل مزاجه والمرض إنما هو انحراف المزاج مع أن الاعتدال المحض السالم من الأخلاط لا سبيل إليه ولكن الأمثل فالأمثل فهكذا صحة القلب وصلاحه في العدل ومرضه من الزيغ والظلم والانحراف والعدل المحض في كل شيء متعذر علما وعملا ولكن الأمثل فالأمثل ولهذا يقال هذا أمثل ويقال للطريقة السلفية الطريقة المثلى وقال تعالى النساء ولن تستعطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم وقال تعالى الأنعام وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها والله تعالى بعث الرسل وأنزل الكتب ليقوم الناس بالقسط وأعظم القسط عبادة الله وحده لا شريك له ثم العدل على الناس في حقوقهم ثم العدل على النفس و الظلم ثلاثة أنواع والظلم كله من أمراض القلوب والعدل صحتها وصلاحها قال أحمد بن حنبل لبعض الناس لو صححت لم تخف أحدا أي خوفك

من المخلوق هو من مرض فيك كمرض الشرك والذنوب وأصل صلاح القلب هو حياته واستنارته قال تعالى الأنعام أو من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها لذلك ذكر الله حياة القلوب ونورها وموتها وظلمتها في غير موضع كقوله ياسين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين وقوله تعالى الأنفال يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ثم قال واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون وقال تعالى الروم يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن أنواعه أن يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن وفي الحديث الصحيح مثل البيت يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت وفي الصحيح أيضا اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذها قبورا وقد قال تعالى الأنعام والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات وذكر سبحانه آية النور وآية الظلمة فقال النور الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور فهذا مثل نور الايمان في قلوب المؤمنين ثم قال النور والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده وفوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور فالأول مثل الاعتقادات الفاسدة والأعمال التابعة لها يحسبها صاحبها شيئا ينفعه فإذا جاءها لم يجدها شيئا ينفعه فوفاه الله حسابه على تلك الأعمال والثاني مثل للجهل البسيط وعدم الايمان والعلم فإن صاحبها في ظلمات بعضها فوق بعض لا يبصر شيئا فإن البصر إنما هو بنور الإيمان والعلم قال تعالى الأعراف إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وقال تعالى يوسف ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه وهو برهان الإيمان الذي حصل في قلبه فصرف الله به ما كان هم به وكتب له حسنة كاملة ولم يكتب عليه خطيئة إذ فعل خيرا ولم يفعل سيئة وقال تعالى

إبراهيم لتخرج الناس من الظلمات إلى النور وقال البقرة الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات وقال الحديد يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ولهذا ضرب الله للإيمان مثلين مثلا بالماء الذي به الحياة وما يتقرن به من الزبد ومثلا بالنار التي بها النور وما يقترن بما يوقد عليه من الزبد وكذلك ضرب الله للنفاق مثلين قال تعالى الرعد أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا وممما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال وقال تعالى في المنافقين البقرة مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير فضرب لهم مثلا بالذي أوقد النار كلما أضاءت أطفاها الله والمثل المائي كالماء النازل من السماء وفيه ظلمات ورعد وبرق ولبسط الكلام في هذه الأمثال موضع آخر وإنما المقصود هنا ذكر حياة القلوب وإنارتها وفي الدعاء المأثور اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا والربيع هو المطر الذي ينزل من السماء فينبت به النبات قال النبي صلى الله عليه وسلم إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا او يلم والفصل الذي ينزل فيه أول المطر تمسيه العرب الربيع لنزول المطر الذي ينبت الربيع فيه وغيرهم يسمى الربيع الفصل الذي يلي الشتاء فإن منه تخرج الأزهار التي تخلق منها الثمار وتنبت الاوراق على الاشجار و القلب الحي المنور فإنه لما فيه من النور يسمع ويبصر ويعقل والقلب الميت فإنه لا يسمع ولا يبصر قال تعالى البقرة ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بمالا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون وقال تعالى يونس ومنهم من يستعمون إليكم أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون

ومنهم من ينظر إليكم أفأنت تهدي العمى ولو كانوا لا يبصرون وقال تعالى الأنعام ومنهم من يستمع إليكم وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين الآيات فأخبر أنهم لا يفقهون بقلوبهم ولا يسمعون بآذانهم ولا يؤمنون بما رأوه من النار كما أخبر عنهم حيث قالوا فصلت قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فذكروا الموانع على القلوب والسمع والأبصار وأبدانهم حية تسمع الأصواب وترى الأشخاص لكن حياة البدن بدون حياة القلب من جنس حياة البهائم لها سمع وبصر وهي تأكل وتشرب وتنكح ولهذا قال تعالى البقرة ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء فشبههم بالغنم التي ينعق بها الراعي وهي لا تسمع إلا نداء كما قال في الآية الأخرى الفرقان أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا وقال تعالى الأعراف ولقد ذرأنا لجنهم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل فطائفة من المفسرين تقول في هذه الآيات وما أشبهها كقوله يونس وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه وأمثالها مما ذكر الله في عيوب الإنسان وذمها فيقول هؤلاء هذه الاية في الكفار والمراد بالإنسان هنا الكافر فيبقى من يسمع ذلك يظن أنه ليس لمن يظهر الإسلام في هذا الذم والوعيد نصيب بل يذهب وهمه إلى من كان مظهرا للشرك من العرب او إلى من يعرفهم من مظهري الكفر كاليهود والنصارى ومشركي الترك والهند ونحو ذلك فلا ينتفع بهذه الآيات التي أنزلها الله ليهتدي بها عباده فيقال أولا المظهرون للإسلام فيهم مؤمن ومنافق والمنافقون كثيرون في كل زمان والمنافقون في الدرك الأسفل من النار ويقال ثانيا الإنسان قد يكون عنده شعبة من نفاق وكفر وإن كان معه إيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان

وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر فأخبر أنه من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه قال لأبي ذر إنك امرؤ فيك جاهلية وأبو ذر رضي الله عنه من أصدق الناس إيمانا وقال في الحديث الصحيح أربع في أمتي من أمر الجاهلية الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والنياحة والاستسقاء بالنجوم وقال في الحديث الصحيح لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى قال فمن وقال أيضا في الحديث الصحيح لتأخذن أمتي ما أخذت الأمم قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع قالوا فارس والروم قال ومن اناس إلا هؤلاء وقال ابن أبي مليكة أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النافق على نفسه وعن علي أو حذيفة رضي الله عنهما قال القلوب أربعة قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وقلب أغلف فذاك قلب الكافر وقلب منكوس فذاك قلب المنافق وقلب فيه مادتان مادة تمده الإيمان ومادة تمده النفاق فأولئك قوم خطلوا عملا صالحا وآخر سيئا وإذا عرف هذا علم أن كل عبد ينتفع بما ذكر الله في الايمان من مدح شعب الايمان وذم شعب الكفر وهذا كما يقول بعضهم في قوله اهدنا الصراط المستقيم فيقولون المؤمن قد هدى إلى الصراط المستقيم فأي فائدة في طلب الهدى ثم يجيب بعضهم بأن المراد ثبتنا على الهدى كما تقول العرب للنائم نم حتى آتيك أو يقول بعضهم ألزم قلوبنا الهدى فحذف الملزوم ويقول بعضهم زدني هدى وإنما يوردون هذا السؤال لعدم تصورهم الصراط المستقيم الذي يطلب العبد الهداية إليه فإن المراد به العمل بما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه في جميع الأمور والإنسان وإن كان أقر بأن محمدا رسول الله وأن القرآن حق على سبيل الإجمال فأكثر ما يحتاج إليه من العلم بما ينفعه ويضره وما أمر به وما نهى عنه في تفاصيل الأمور وجزئياتها لم يعرفه وما عرفه فكثير منه لم يعمله ولو قدر أنه بلغه كل امر ونهى في القرآن والسنة فالقرآن والسنة إنما تذكر فيهما الأمور العامة الكلية لا يمكن غير ذلك لا يذكر مايخص به كل عبد ولهذا أمر الإنسان في مثل ذلك بسؤال الهدى إلى الصراط المستقيم والهدى إلى الصراط المستقيم يتناول هذا كله يتناول التعريف بما جاء به الرسول مفصلا ويتناول التعريف بما يدخل في أوامره الكليات ويتناول

الهام العمل بعلمه فإن مجرد العلم بالحق لا يحصل به الاهتداء إن لم يعمل بعلمه ولهذا قال لنبيه بعد صلح الحديبية أول سورة الفتح إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وقال في حق موسى وهارون الصافات وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم والمسلمون قد تنازعوا فيما شاء الله من الأمور الخبرية والعلمية الاعتقادية والعملية مع أنهم كلهم متفقون على أن محمدا حق والقرآن حق فلو حصل لك منهم الهدى إلى الصراط المستقيم فيما اختلفوا فيه لم يختلفوا ثم الذين علموا ما أمر الله به أكثرهم يعصونه و لا يحتذون حذوه فلو هدوا إلى الصراط المستقيم في تلك الاعمال لفعلوا ما أمروا به وتركوا ما نهوا عنه والذين هداهم الله من هذه الأمة حتى صاروا من أولياء الله المتقين كان من اعظم أسباب ذلك دعاؤهم الله بهذا الدعاء في كل صلاة مع علمهم بحاجتهم وفاقتهم إلى الله دائما في أن يهديهم الصراط المستقيم فبدوام هذا الدعاء والافتقار صاروا من أولياء الله المتقين قال سهل بن عبد الله التستري ليس بين العبد وبين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار وما حصل فيه الهدى في الماضي فهو محتاج إلى حصول الهدى فيه في المستقبل وهذا حقيقة قول من يقول ثبتنا واهدنا لزوم الصراط وقول من قال زدنا هدى يتناول ما تقدم لكن هذا كله هدى منه في المستقبل إلى الصراط المستقيم فإن العمل في المستقبل بالعلم لم يحصل بعد ولا يكون مهتديا حتى يعمل في المستقبل بالعلم وقد لا يحصل العلم في المستقبل بل يزول عن القلب وإن حصل فقد لا يحصل العمل فالناس كلهم متضطرون إلى هذا الدعاء ولهذا فرضه الله عليهم في كل صلاة فليسوا إلى شيء من الدعاء أحوج منهم إليه وإذا حصل الهدى إلى الصراط المستقيم حصل النصر والرزق وسائر ما تطلب النفوس من السعادة والله أعلم

وأعلم أن حياة القلب وحياة غيره ليست مجرد الحس والحركة الإرادية أو مجرد العلم والقدرة كما يظن ذلك طائفة من النظار في علم الله وقدرته كأبي الحسين البصري قالوا إن حياته أنه بحيث يعلم ويقدر بل الحياة صفة قائمة بالموصوف وهي شرط في العلم والارادة والقدرة على الأفعال الاختيارية وهي أيضا مستلزمة لذلك فكل حي له شعور وإرادة وعمل اختياري بقدرة وكل ماله علم وإرادة وعمل اختياري فهو حي و الحياء مشتق من الحياة فإن القلب الحي يكون صاحبه حيا فيه حياء يمنعه عن القبائح فإن حياة القلب هي المانعة من القبائح التي تفسد القلب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من الإيمان وقال الحياء والعي شعبتان من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق فإن الحي يدفع ما يؤذيه بخلاف الميت الذي لا حياة فيه فإنه يسمى وقحا والوقاحة الصلابة وهو اليبس المخالف الرطوبة الحياة فإذا كان وقحا يابسا صليب الوجه لم يكن في قلبه حياة توجب حياءه وامتناعه من القبح كالأرض اليابسة لا يؤثر فيه وطء الأقدام بخلاف الأرض الخضر ولهذا كان الحيي يظهر عليه التأثر بالقبح وله إرادة تمنعه عن فعل القبيح بخلاف الوقح والذي ليس بحيي فإنه لا حياء معه ولا إيمان يزجره عن ذلك فالقلب إذا كان حيا فمات الإنسان بفراق روحه بدنه كان موت النفس فراقها للبدن ليست هي في نفسها ميتة بمعنى زوال حياتها عنها ولهذا قال تعالى البقرة ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء وقال تعالى آل عمران ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء مع أنهم موتى داخلون في قوله آل عمران كل نفس ذائقة الموت وفي قوله الزمر إنك ميت وإنهم ميتون وقوله الحج وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم فالموت المثبت غير الموت المنفي المثبت هو فراق الروح البدن والمنفي زوال الحياة بالجملة عن الروح والبدن وهذا كما أن النوم أخو الموت فيسمى وفاة ويسمى موتا وكانت الحياة موجودة فيهما قال تعالى الزمر الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه يقول الحمد الله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور وفي حديث آخر الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي

بذكره وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا وإذا أوى إلى فراشه يقول اللهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أمسكتها فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ويقول باسمك اللهم أموت وأحيا
فصل ومن أمراض القلوب الحسد كما قال بعضهم في حده إنه أذى يلحق بسبب
العلم بحسن حال الاغنياء فلا يجوز أن يكون الفاضل حسودا لأن الفاضل يجرى على ما هو الجميل وقد قال طائفة من الناس إنه تمنى زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها بخلاف الغبطة فإنه تمنى مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضا في قلبه ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها لكن نفعه بزوال الألم الذي كان في نفسه ولكن ذلك الألم لم يزل إلا بمباشرة منه وهو راحة وأشده كالمريض فإن تلك النعمة قد تعود على المحسود وأعظم منها وقد يحصل نظير تلك النعمة ما أنعم به على النوع ولهذا قال من قال إنه تمنى زوال النعمة فإن من كره النعمة على غيره تمنى زوالها و النوع الثاني أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيجب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسدا في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالا وسلطه على هلكته في الحق هذا لفظ ابن مسعود ولفظ ابن عمر رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه

في الحق آناء الليل والنهار ورواه البخاري من حديث أبي هريرة ولفظه لا حسد إلا في اثنين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه الليل والنهار فسمعه رجل فقال يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا فهذا الحسد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في موضعين هو الذي سماه أولئك الغبطة وهو أن يحب مثل حال الغير ويكره أن يفضل عليه فإن قيل إذا لم سمي حسدا وإنما أحب أن ينعم الله عليه قيل مبدأ هذا الحب هونظره إلى إنعامه على الغير وكراهته أن يفضل عليه ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك فلما كان مبدأ ذلك كراهته أن يفضل عليه الغير كان حسدا لأنه كراهة تتبعها محبة وأما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس فهذا ليس عنده من الحسد شيء ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثاني وقد يسمى المنافسة فيتنافس الإثنان في الأمر المحبوب المطلوب كلاهما يطلب أن يأخذه وذلك لكراهية أحدهما أن يتفضل عليه الآخر كما يكره المستبقان كل منهما أن يسبقه الآخر والتنافس ليس مذموما مطلقا بل هو محمود في الخير قال تعالى المطففين إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوهم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون فأمر المنافس أن ينافس في هذا النعيم لا ينافس في نعيم الدنيا الزائل وهذا موافق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فإنه نهى عن الحسد إلا فيمن أوتي العلم فهو يعمل به ويعلمه ومن أوتى المال فهو ينفقه فأما من أوتي علما ولم يعمل به ولم يعلمه أو أوتي مالا ولم ينفقه في طاعة الله فهذا لا يحسد ولا يتمنى مثل حاله فإنه ليس في خير يرغب فيه بل هو معرض للعذاب ومن ولي ولاية فيأتيها بعلم وعدل وأدى الأمانات إلى أهلها وحكم بين الناس بالكتاب والسنة فهذا درجته عظيمة لكن هذا في جهاد عظيم كذلك المجاهد في سبيل الله والنفوس لا تحسد من هو في تعب عظيم فلهذا لم يذكره وإن كان المجاهد في سبيل الله أفضل من الذي ينفق المال بخلاف المنفق والمعلم فإن هذين ليس لهما في العادة عدو من خارج فإن قدر أنهما لهما عدو يجاهدانه فذلك أفضل لدرجتهما وكذلك لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم المصلى والصائم والحاج

لأن هذه الأعمال لا يحصل منها في العادة من نفع الناس الذي يعظمون به الشخص ويسودونه ما يحصل بالتعليم والإنفاق والحسد في الأصل إنما يقع لما يحصل للغير من السؤدد والرياسة وإلا فالعامل لا يحسد في العادة ولو كان تنعمه بالأكل والشرب والنكاح أكثر من غيره بخلاف هذين النوعين فإنهما يحسدان كثيرا ولهذا يوجد بين أهل العلم الذين لهم اتباع من الحسد مالا يوجد فيمن ليس كذلك وكذلك فيمن له أتباع بسبب إنفاق ماله فهذا ينفع الناس بقوت القلوب وهذا ينفعهم بقوت الأبدان والناس كلهم محتاجون إلى ما يصلحهم من هذا وهذا ولهذا ضرب الله سبحانه مثلين مثلا بهذا فقال النحل ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوى هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم والمثلان ضربهما الله سبحانه لنفسه المقدسة ولما يعبد من دونه فإن الأوثان لا تقدر لا على عمل ينفع ولا على كلام ينفع فإذا قدر عبد مملوك لا يقدر على شيء وآخر قد رزقه الله رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوي هذا المملوك العاجز عن الإحسان وهذا القادر على الاحسان المحسن إلى الناس سرا وجهرا وهو سبحانه قادر على الإحسان إلى عباده وهو محسن إليهم دائما فكيف يشبه به العاجز المملوك الذي لا يقدر على شيء حتى يشرك به معه وهذا مثل الذي اعطاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل والنهار والمثل الثاني إذا قدر شخصان أحدهما أبكم لا يعقل ولا يتكلم ولا يقدر على شيء وهو مع هذا كل علىمولاه أينما يوجهه لا يأت بخير فليس فيه من نفع قط بل هو كل على من يتولى أمره وآخر عالم عادل يأمر بالعدل ويعمل بالعدل فهو على صراط مستقيم وهذا نظير الذي أعطاه الله الحكمة فهو يعمل بها ويعلمها للناس وقد ضرب ذلك مثلا لنفسه فإنه سبحانه عالم عادل قادر يأمر بالعدل وهو قائم بالقسط على صراط مستقيم كما قال تعالى آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم وقال هود هود إن ربي على صراط مستقيم ولهذا كان الناس يعظمون

دار العباس كان عبد الله يعلم الناس وأخوه يطعم الناس فكانوا يعظمون على ذلك ورأى معاوية الناس يسألون ابن عمر عن المناسك وهو يفتيهم فقال هذا والله الشرف أو نحو ذلك هذا وعمر بن الخطاب رضي الله عنه نافس أبا بكر رضي الله عنه الإنفاق كما ثبت في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما قال فجئت بنصف مالي قال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله فقلت لا أسابقك إلى شيء أبدا فكان ما فعله عمر من المنافسة والغبطة المباحة لكن حال الصديق رضي الله عنه أفضل منه وهو خال من المنافسة مطلقا لا ينظر إلى حال غيره وكذلك موسى صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج حصل له منافسة وغبطة للنبي صلى الله عليه وسلم حتى بكى لما تجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له ما يبكيك فقال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي أخرجاه في الصحيحين وروى في بعض الألفاظ المروية غير الصحيح مررنا على رجل وهو يقول ويرفع صوته أكرمته وفضلته قال فرفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام فقال من هذا معك يا جبريل قال هذا أحمد قال مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته قال ثم اندفعنا فقلت من هذا يا جبريل قال هذا موسى بن عمران قلت ومن يعاتب قال يعاتب ربه فيك قلت ويرفع صوته على ربه قال إن الله عز وجل قد عرف صدقه وعمر رضي الله عنه كان مشبها بموسى ونبينا حاله أفضل من حال موسى فإنه لم يكن عنده شيء من ذلك وكذلك كان في الصحابة أبو عبيدة بن الجراح ونحوه كانوا سالمين من جميع هذه الأمور فكانوا أرفع درجة ممن عنده منافسة وغبطة وإن كان ذلك مباحا ولهذا استحق أبو عبيدة رضي الله عنه أن يكون أمين هذه الأمة فإن المؤتمن إذا لم يكن في نفسه مزاحمة على شيء مما ائتمن عليه كان أحق بالأمانة ممن يخاف مزاحمته ولهذا يؤتمن على النساء والصبيان الخصيان ويؤتمن على الولاية الصغرى

من يعرف أنه لا يزاحم على الكبرى ويؤتمن على المال من يعرف أنه ليس له غرض في أخذ شيء منه وإذا ائتمن من في نفسه خيانة شبه بالذئب المؤتمن على الغنم فلا يقدر أن يؤدي الأمانة في ذلك لما في نفسه من الطلب لما ائمتن عليه وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنس رضي الله عنه قال كنا يوما جلسوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة قال فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوء قد علق نعليه في يده الشمال فسلم فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل على مثل حاله فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه و مقالته فطلع ذلك الرجل على مثل حاله فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم اتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي الثلاث فعلت قال نعم قال أنس رضي الله عنه فكان عبد الله يحدث أنه بات عنده ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل شيئا غير انه إذا تعار وانقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم إلى صلاة الفجر فقال عبد الله غير أني لم اسمعه يقول إلا خيرا فلما فرغنا من الثلاث وكدت أن أحقر عمله قلت يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث المرات فأردت أن آوى إليك لأنظر ما عملك فأقتدي بذلك فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما هو إلا ما رأيت غير أنني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشا ولا حسدا على خير أعطاه الله إياه قال عبد الله هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق فقول عبد الله بن عمرو له هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق يشير إلى خلوه وسلامته من جميع أنواع الحسد وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار فقال الحشر ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة أي مما أوتي إخوانهم المهاجرون قال المفسرون لا يجدون في صدروهم حاجة أي حسدا وغيظا مما أوتي المهاجرون ثم قال بعضهم من مال الفيء وقيل من الفضل والتقدم فهم لا يجدون حاجة

مما أوتوا من المال ولا من الجاه والحسد يقع على هذا وكان بين الأوس والخزرج منافسة على الدين فكان هؤلاء إذا فعلوا ما يفضلون به عند الله ورسوله أحب الآخرون ان يفعلوا نظير ذلك فهو منافسة فيما يقربهم إلى الله كما قال المطففين وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وأما الحسد المذموم كله فقد قال تعالى في حق اليهود البقرة ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق يودون أي يتمنون أرتدادكم حسدا فجعل الحسد هو الموجب لذلك الود من بعد ما تبين لهم الحق لأنهم لما رأوا أنكم قد حصل لكم من النعمة ما حصل بل مالم يحصل لهم مثله حسدوكم وكذلك في الآية الأخرى النساء أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا وقال تعالى قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقت ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد وقد ذكر طائفة من المفسرين أنها نزلت بسب حسد اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم حتى سحروه سحره لبيد بن الأعصم اليهودي فالحاسد المبغض للنعمة على من أنعم الله عليه بها ظالم معتد والكاره لتفضيله المحب لمماثلته منهي عن ذلك إلا فيما يقربه إلى الله فإذا أحب أن يعطى مثل ما أعطى مما يقربه إلى الله فهذا لا بأس به وإعراض قلبه عن هذا بحيث لا ينظر إلى حال الغير أفضل ثم هذا الحسد إن عمل بموجبه صاحبه كان ظالما معتديا مستحقا للعقوبة إلا أن يتوب وكان المحسود مظلوما مأمورا بالصبر والتقوى فيصبر على أذى الحاسد ويعفو ويصفح عنه كما قال تعالى البقرة ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصحفوا حتى يأتي الله بأمره وقد ابتلى يوسف بحسد إخوة له حيث قالوا يوسف ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين فحسدوهما على تفضيل الأب لهما ولهذا قال يعقوب ليوسف يوسف لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين ثم إنهم ظلموه بتكلمهم في قتله وإلقائه في الجب وبيعه رقيقا لمن ذهب به إلى بلاد الكفر فصار مملوكا لقوم كفار ثم إن يوسف ابتلى بعد أن ظلم بمن يدعوه إلى

الفاحشة ويراوده عليها ويستعين عليه بمن يعينه على ذلك فاستعصم واختار السجن على الفاحشة وآثر عذاب الدنيا على سخط الله فكان مظلوما من جهة من أحبه لهواه وغرضه مفاسد فهذه المحبة أحبته لهوى محبوبها شفاؤها وشقاؤها إن وافقها وأولئك المبغضون ابغضوه بغضة أوجبت أن يصير ملقى في الجب ثم أسيرا مملوكا بغير اختياره فأولئك أخرجوه من انطلاق الحرية إلى رق العبودية الباطلة بغير اختياره وهذه ألجأته إلى أن اختار أن يكون محبوسا مسجونا باختياره فكانت هذه أعظم في محنته وكان صبره هنا اختياريا اقترن به التقوى بخلاف صبره على ظلمهم فإن ذلك كان من باب المصائب التي من لم يصبر عليها صبر الكرام سلا سلو البهائم والصبر الثاني أفضل الصبرين ولهذا قال يوسف إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين وهكذا إذا أوذي المؤمن على إيمانه وطلب منه الكفر أو الفسوق أو العصيان وإن لم يفعل أوذي وعوقب فاختار الأذى والعقوبة على فراق دينه إما الحبس وإما الخروج من بلده كما جرى للمهاجرين حين اختاروا فراق الأوطان على فراق الدين وكانوا يعذبون يؤذون وقد أوذي النبي صلى الله عليه وسلم بأنواع من الأذى فكان يصبر عليها صبرا اختياريا فإنه إنما يؤذي لئلا يفعل ما يفعله باختياره وكان هذا أعظم من صبر يوسف لأن يوسف إنما طلب منه الفاحشة وإنما عوقب إذا لم يفعل بالحبس والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طلب منهم الكفر وإذا لم يفعلوا طلبت عقوبتهم بالقتل فما دونه وأهون ما عوقب به الحبس فإن المشركين حبسوه وبني هاشم بالشعب مدة ثم لما مات أبو طالب اشتدوا عليه فلما بايعت الأنصار وعرفوا بذلك صاروا يقصدون منعه من الخروج ويحبسونه هو وأصحابه عن ذلك ولم يكن احد يهاجر إلا سرا إلا عمر بن الخطاب ونحوه فكانوا قد الجأوهم إلى الخروج من ديارهم ومع هذا منعوا من منعوه منهم عن ذلك وحبسوه فكان ما حصل للمؤمنين من الأذى والمصائب هو باختيارهم طاعة لله ورسوله لم يكن من المصائب السماوية التي تجري بدون اختيار العبد من جنس حبس يوسف لا من جنس التفريق بينه وبين أبيه وهذا أشرف النوعين وأهلها اعظم بدرجة وإن كان صاحب المصائب يثاب على صبره ورضاه وتكفر عنه الذنوب بمصائبه فإن هذا أصيب وأوذي باختياره طاعة لله يثاب على نفس المصائب ويكتب له بها عمل صالح قال تعالى التوبة ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ

الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين بخلاف المصائب التي تجري بلا اختيار العبد كالمرض وموت العزيز عليه وأخذ اللصوص ماله فإن تلك إنما يثاب على الصبر عليها لا على نفس ما يحدث من المصيبة وما يتولد عنها والذين يؤذون على الايمان وطاعة الله ورسوله ويحدث لهم بسبب ذلك حرج أو مرض أو حبس أو فراق وطن وذهاب مال وأهل أو ضرب أو شتم أو نقص رياسة ومال وهم في ذلك على طريقة الأنبياء وأتابعهم كالمهاجرين الأولين فهؤلاء يثابون على ما يؤذون به ويكتب لهم به عمل صالح كما يثاب المجاهد على ما يصيبه من الجوع والعطش والتعب وعلى غيظة الكفار وإن كانت هذه الآثار ليست عملا فعله يوقوم به لكنها متسببة عن عفله الاختياري وهي التي يقال لها متولدة وقد اختلف الناس هل يقال أنها فعل فاعل السبب أو لله أو لا فاعل لها والصحيح أنها مشتركة بين فاعل السبب وسائر الأسباب ولهذا كتب له بها عمل صالح والمقصود أن الحسد مرض من أمراض النفس وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا القليل من الناس ولهذا يقال ما خلا جسد من حسد لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه وقد قيل للحسن البصري ايحسد المؤمن فقال ما أنساك أخوة يوسف لا أبا لك ولكن عمه في صدرك فإنه لا يضرك ما لم تعد به يدا ولسانا فمن وجد في نفسه حسدا لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك من نفسه وكثير من الناس الذين عندهم دين لا يعتدون على المحسود فلا يعينون من ظلمه ولكنهم أيضا لا يقومون بما يجب من حقه بل إذا ذمه أحد لم يوافقوه على ذمه ولا يذكرون محامده وكذلك لو مدحه أحد لسكتوا وهؤلاء مدينون في ترك المأمور في حقه مفرطون في ذلك لا معتدون عليه وجزاؤهم أنهم يبخسون حقوقهم فلا ينصفون أيضا في مواضع ولا ينصرون على من ظلمهم كما لم ينصروا هذا المحسود وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يعاقب ومن اتقى الله وصبر فلم يدخل في الظالمين نفعه الله بتقواه كما جرى لزينب بنت جحش رضي الله عنها فإنها كانت هي التي تسامى عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وحسد النساء بعضهن لبعض كثير غالب لا سيما المتزوجات بزوج واحد فإن المرأة تغار على زوجها لحظها منه فإنه بسبب المشاركة يفوت بعض حظها وهكذا الحسد يقع كثيرا بين المتشاركين في رئاسة أو مال إذا أخذ بعضهم قسطا من ذلك وفات الآخر ويكون بين النظراء لكراهة

أحدهم أن يفضل الآخر عليه كحسد إخوة يوسف وكحسد ابني آدم أحدهما لأخيه فإنه حسده لكون أن الله تقبل قربانه ولم يتقبل قربان هذا فحسده على ما فضله الله من الايمان والتقوى كحسد اليهود للمسلمين وقتله على ذلك ولهذا قيل أول ذنب عصى الله به ثلاثة الحرص والكبر والحسد فالحرص من آدم والكبر من إبليس والحسد من قابيل حيث قتل هابيل وفي الحديث ثلاث لا ينجو منهن احد الحسد والظن والطيرة وسأحدثكم بما يخرج من ذلك إذا حسدت فلا تبغض وإذا ظننت فلا تحقق وإذا تطيرت فامض رواه ابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين فسماه داء كما سمى البخل داء في قوله وأي داء أدوأ من البخل فعلم أن هذا مرض وقد جاء في حديث آخر أعوذ بك من منكرات الخلاق والأهواء والأدواء فعطف الأدواء على الاخلاق والأهواء فإن الخلق ما صار عادة للنفس وسجية قال تعالى القلم وإنك لعلى خلق عظيم قال ابن عباس وابن عيينة وأحمد ابن حنبل رضي الله عنهم على دين عظيم وفي لفظ عن ابن عباس على دين الإسلام وكذلك قالت عائشة رضي الله عنها كان خلقه القرآن وكذلك قال الحسن البصري ادب القرآن هو الخلق العظيم وأما الهوى فقد يكون عارضا والداء هو المرض وهو تألم القلب والفساد فيه وقرن في الحديث الأول الحسد بالبغضاء لأن الحاسد يكره أولا فضل الله على ذلك الغير ثم ينتقل إلى بغضه فإن بغض اللازم يقتضي بغض الملزوم فإن نعمة الله إذا كانت لازمة وهو يحب زوالها وهي لا تزول إلا بزواله أبغضه واحب عدمه والحسد يوجب البغي كما أخبر الله تعالى عمن قبلنا آل عمران أنهم اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم فلم يكن اختلافهم لعدم العلم بل علموا الحق ولكن بغى بعضهم على بعض كما يبغي ا الحاسد على المحسود وفي الصحيحين عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر اخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته من رواية أنس أيضا والذي نفسى بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقد قال تعالى

النساء وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله على إذ لم أكن معهم شهيدا ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم يكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما فهؤلاء المبطئون لم يحبوا لإخوانهم المؤمنين ما يحبون لأنفسهم بل إن أصابتهم مصيبة فرحوا باختصاصهم وإن أصابتهم نعمة لم يفرحوا لهم بها بل أحبوا أن يكون لهم منها حظ فهم لا يفرحون إلا بدنيا تحصل لهم أو شر دنيوي ينصرف عنهم إذ كانوا لا يحبون الله ورسوله والدار الآخرة ولو كانوا كذلك لأحبوا إخوانهم وأحبوا ما وصل إليهم من فضله وتألموا بما يصيبهم من المصيبة ومن لم يسره ما يسر المؤمنين ويسوؤه ما يسوء المؤمنين ف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو اسامه
Admin
ابو اسامه


أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) Ouuous10
أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) Qq20s3
أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) Oouu_o10
العمل/الترفيه : دعوه الناس الى الخير
عدد المساهمات : 569
نقاط : 28159
تاريخ التسجيل : 17/03/2010
العمر : 43
الموقع : https://sabahe.ahladalil.com/
المزاج : الحمد لله وكفا

أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول)   أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) Icon_minitimeالإثنين 26 أبريل 2010, 11:22 am

أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول) 99c4c310
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sabahe.ahladalil.com
 
أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الاول)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أمراض القلوب وعلاجها(الجزء الثانى)
» على ساحل بن تيمة الجزء الاول
» هام جداً :أمراض القلوب
» التحفة العراقية فى الأمراض القلبية (الجزء الثانى)
» سلسلة اصلاح القلوب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ابو اسامه السلفى :: المنتدى العام-
انتقل الى: