تفريغ الحلقة الأولى
أحبتي في الله .. ابتداءً لأننا نبدأ هذه الرحلة و هذه حلقتها الأولى ، فلابد أن أؤكد تماماً أنني أحبكم في الله ، إخوتي هذا التأكيد له أهميته في هذا الموضع اليوم ، أن كلمة إني أحبكم في الله ليست لزمة من لوازم المشايخ ، أنه كلما بدأ قالها ،و إنما أنا أحبكم في الله حقيقةً و الله .. و حين أقسم لا يمكن أن أحنث أو أتأثم ، فحبي لكل مسلم في الله هذا ثابت و حبي لمن أخاطبهم الآن و يسمعونني فلا شك أنه حب أخص لأننا نجتمع على هدف و هو كيف نصل إلى الله ، كيف ندخل الجنة ، كيف نقيم الدين في أنفسنا ، و لذلك أيها الأخوة فإنني – و سامحوني – سأبدأ معكم من البداية الصحيحة من البداية الحقيقية سأبدأ معكم فعلاً من أول الدين .. لماذا خلقنا الله ؟! لا شك أيها الأخوة كل الناس يعرف إجابته كل الناس بلا إستثناء يدرك أهميته أقصد كل المسلمين ، كل المسلمين يجيبونك بفطرة على هذا السؤال لماذا خلقنا الله ؟! يقولون : لقد خلقنا الله لكي نعبده والدليل قال سبحانه و تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [الذاريات : 56] فبناءً على إجابة هذا السؤال يأتي السؤال التالي مباشرة : هل نحن قوم نعبد الله ؟! ، هل أيها الأخوة أنت الذي خلقك الله لعبادته تعيش عبادة لله ؟! هل تعيش حياتك عبادة ؟! هل نحن قوم نعيش لله ؟! ، سؤال و ينبغي ألا أطرح السؤال بصفة إجمالية أو بصفة عامة و إنما أخص كل إنسان يسمعني الآن أو يراني بهذا السؤال تحديداً .. هل أنت تعيش حياتك لله ؟! هل حياتك جميعها لله سبحانه و تعالى ؟! أم أن حياتك هذه تعيشها لشهواتك لأهوائك ؟! سؤال لك شخصياً أنت تحديداً .. نعم .. هل أنت و أنت و أنت و أنت .. هل أنت تعيش لله ؟! أم أنك تعيش لأمل عريض رسمته في حياتك و أنت تعيش له أن تكون كذا أو تملك كذا أو أن تصير كذا ؟!
إخوتي .. إنها قضية الفهم ! لأنني حين قلت هذا الكلام الآن سيبتدرني بعضهم ليقول : يا شيخ هل تطالبنا أن نجلس في المساجد و نلبس المرقعات و نترك الدنيا ؟!
ماذا يريد الدين منا تحديداً هذا هو السؤال ؟! إذن تحديداً أن يسأل كل منا ماذا يريد الله مني ؟! .. أيها الأخوة ضربتها أمثلة ، ما هو المطلوب من المسلم أن يكون غنياً أو أن يكون فقيرا ؟! .. ما هو المطلوب من المسلم أن يكون خاملاً أو أن يكون مشهوراً ؟! ما هو الأفضل عند الله للمسلم أن يكون ممّكناً أو يكون مستضعفاً ؟! ما هو المراد من المسلم أن يكون ملكاً أو أن يكون عبداً ؟! هذه هي القضية ، قضية فهم الدين ، إنما نعاني في زماننا الحاضر كمسلمين من مشكلة في الفهم ، نعاني من أزمة في الفهم ، سؤال .. هل نحن نملك فهماً عميقاً للإسلام نعيش به ؟! هذا هو السؤال .. الملايين من المسلمين الجغرافين الذين يعيشون على ظهر الأرض اليوم هل هم يملكون فهماً عميقاً للإسلام ؟! ما هو الدين ؟! ما هو التدين ؟! ما هو التمسك بالدين ؟!
تجد أحدهم يقول : لحية و قميص قصير !!
أخر يقول لك : لا .. المسألة ليست مسألة لحية ، انا اعبد الله أصلي ، أقرأ قرآن ، أقوم الليل ، أصوم ، أتصدق و أبر الوالدين هذا هو الدين !!
و ثالث يقول لك : لا الموضوع ليس موضوع صلاة .. طالما القلب طيب و أبيض فأهم شيء القلب !!
و رابع يقول لك : لا قلب و لا صلاة .. انا لا أؤذي أحداً .. هذا هو الدين !!
ما هو الدين في وسط كل هذا الكلام و اللغط ؟! خصوصاً بعد أن حدثت ثورة الإتصالات ، أن كل الناس ترى كل شيء و تسمع كل شيء .. فأنت اليوم تسمع الآلاف المؤلفة الذين يتكلمون عن الدين في الفضائيات و في الجرائد و المجلات و الإذاعات و الأشرطة و على الإسطوانات المدمجة و على شبكة الإنترنت .. مولد .. أين الدين - دين الإسلام - ؟! أين الفهم الصحيح لهذا الدين ؟! أيها الأخوة أنا لا أزعم إحتكار هذا الفهم كشخص و إنما نقول أين فهم النبي للدين ؟! أين فهم أصحابه للدين ؟! هذا هو الفهم الملزم ... كثير من الشباب يفرح بالدليل .. الكتاب و السنة .. و هذه القضية أيها الأخوة ليست مجرد : هذا هو الدليل الكتاب و السنة .. و إنما بفهم السلف .. هذا القيد مهم و خطير .. فهم الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه و التابعين و أتباع التابعين ليس لأنني أقول ذلك و لكن لأن الله قال ذلك ..
قال الله تعالى : ( فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [البقرة : 137]
و قال : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [التوبة : 100]
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : << فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة >> [سنن أبي داوود ، قال الشيخ الألباني : صحيح]
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : << تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي >> [صحيح و ضعيف الجامع الصغير ، تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2937 في صحيح الجامع]
أخوتي إذا وضعنا هذه الركائز في الفهم فكيف نفهم الدين ؟! ، أنا أحبكم في الله هذه مقررة مكررة .. ولذلك لا تغضب مني إذا أخشنت عليك الكلام ، لأنه من منبع الحب في الله ، فلذلك أقول أيها الأخوة لكي نفهم الدين لابد أن نملك خارطة للفهم – خريطة – هذه الخارطة هي خارطة الدين ، إن لهذه الخارطة شروط ثلاثة :
أولها: يوضع عليها الدين بالكلية فلا ينتقص من الدين شيء:
أيها الأخوة إن بعض المسلمين أثناء رسم هذه الخارطة في ذهنه أو عقله أو أمام عينيه يلغي أجزاء من الدين تكون خارج خارطة فهمه .. لسبب أو لأخر .. قد ينزع من الدين أشياء لهوى أو لضغوط أو لخوف أو لعجز .. كل هذا يؤثر في أزمة الفهم .. إذا أردنا أن نفهم دين الإسلام .. فلابد أن نضع خارطة للدين و أن نضع فيها كل عناصر الدين ..
ثانيها: ان نضع كل عناصر الدين كل عنصر في موضعه الصحيح:
لكي تضح لنا المسألة .. إذا وضعنا خارطة مكة المكرمة مثلاً .... فلابد أن يظهر عليها كل الجبال الموجودة في مكة و كل الطرق و كل المباني و كل المعالم .. خارطة لمكة لا تترك شيء في مكة إلا و ظهر فيها .. و يكون كل شيء في موضعه الصحيح .. الكعبة في موضعها الصحيح .. و المسجد الحرام أين تحديداً ؟! .. و أين منى بالنسبة للكعبة ؟! .. يجب أن يتضح فيها كل شيء و كل شيء في موضعه الصحيح ..
ثالثهما: ان يظهر كل شيء على هذه الخارطة بحجمه الطبيعي الصحيح
لأن أزمة الفهم في الإسلام لأسباب :
• إما لأن الخارطة تكون في رأس المسلم ناقصة .. كأن يرسم الدين بدون لحية !! أو يرسم الدين و يحذف منه الجهاد !! أي يحذف منه ما يكون خارج نطاق فهمه !!
• و قد يحدث الخطأ في الفهم لعدم وضع الأشياء في أماكنها الصحيحة ، كأن يضع أشياء في غير موضعها الصحيح ، كأن يضع بر الوالدين مقدم على الصلاة !! ومن الناس من يظن أن جمع المال أهم من الصلاة !! ، فلابد حين فهم الدين أن نضع الصلاة أين ؟ و التوحيد أين ؟ و بر الوالدين أين ؟ وقيام الليل أين ؟ و كسب المال أين ؟ و الأولاد أين ؟ و إحساني إلى زوجتي أين ؟ كل شيء في مكانه الصحيح على خارطة فهم الدين .
• و قد يحدث الخطأ في الفهم لعدم وضع الأشياء في أحجامها الصحيحة ، فإن بعض الناس حين يفهمون الدين يضخم مسألة ، فعند تضخيم مسألة على حساب أخرى ، تصغر مسألة أخرى ، فالتضخيم و التصغير ليس من حقك !!
إذا إتضحت هذه المسألة وجود خارطة للفهم و هذه الخارطة عليها كل شيء و كل شيء في موضعه الصحيح حيث خلق و وجد و كل شيء في حجمه الحقيقي .. فسنفهم الدين.
أيها الأخوة بعد هذا المدخل ، و بمنتهى الهدوء ، أريد أن أضع التزكية على خارطة الدين ، فأين تقع التزكية على خارطة الدين و ما حجمها في الدين ؟
يقال لي : و ما معنى تزكية أولاً ؟!
التزكية أيها الأخوة ، كما يقول العلماء :
في اللغة : هي التطهير و النماء ، وهو معناها في الشرع.
قال سبحانه : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [التوبة : 103]
و قال سبحانه و تعالى : ( ... وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) [فصلت 6-7]، أي الذين لا يزكون أنفسهم بالتوحيد .
التزكية : هي تطهير القلب و تنمية الإيمان ، هذا هو معنى التزكية . والتزكية عنصر أساس من عناصر الدين ، سنضعه في موضعه الصحيح و حجمه الصحيح على خارطة فهم الدين ، عندما نعرف ما هي حجم التزكية في الدين ؟!
أيها الأخوة .. لما دعا إبراهيم عليه السلام ربه طالباً من يخلفه في الدعوة إلى الله من ولده قال: ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ) [البقرة : 129]
فمن أهم أعمال الرسل التزكية و من مهمات الرسل التزكية ، حدد إبراهيم عليه السلام مهمة الرسول:
• تلاوة آيات الله
• تعليم الكتاب و الحكمة
• التزكية
استجاب الله هذا الدعاء بل و امتن به على المؤمنين في ثلاثة مواضع من القرآن :
• في سورة البقرة:
( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ) [البقرة : 151]
• وسورة آل عمران:
( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) [آل عمران : 164]
• وسورة الجمعة:
( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) [الجمعة : 2]
هل لاحظت شيء ؟!!
ترتيب سيدنا إبراهيم في وظيفة الرسول هو: تلاوة الأيات ثم تعليم الكتاب و الحكمة ثم التزكية
أما ترتيب الله جل و علا في الثلاث آيات هو: يتلو عليكم آياتنا ثم ويزكيهم ثم ويعلمهم الكتاب و الحكمة
فقدم التزكية قبل العلم
و العلماء يقولون : أن كل الشرع إنما ابتني لتزكية هذه النفس و تزكية القلب.
• فالتوحيد تزكية: بدليل الآية التي ذكرناها : ( ... وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) [فصلت 6-7] يعني لا يزكون أنفسهم بالتوحيد ، فالتوحيد تزكية ، قال الله تعالى : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) [الزمر : 29] فتأمل !! وأنت تتأمل في هذا العصر والله عجب !! ألم تسمع عن عبدة الشيطان ؟! ألم يبلغك نبأ قوم وصلوا في التكنولوجيا الحديثة و الإختراعات إلى أفق شامخة ثم هم يعبدون البقر و تمثال بوزا ؟! وشكله كئيب ولا يمت للجمال بصلة !! ألم تر إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم وصلوا إلى القمر في زمن الوصول و هو يعبدون أنفسهم ؟! ويعبدون فرج المرأة و الرجل ؟! هذه الشركيات دليل على قذارة النفس من الداخل و لذلك و قد رأيت في تجارب شخصية أن هؤلاء في الدول الأوروبية ، حينما كانوا يعدون لنا برنامجاً لزيارة السجون أحياناً تجد أكثر المسجونين يسلم و هذه الظاهرة هم يعترفون بها في إحصائياتهم أن هؤلاء حين يحال بينهم و بين الشهوات حين يسجن فلا خمر و لا نساء و لا مال وينفرد فيطهر !! و لذلك كان الأنبياء ينفردون بأنفسهم للعبادة ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينفرد بنفسه في غار حراء هذا الإنفراد يعني التطهير، الخروج بالنفس من ربقة عبادة الذات ، فالتوحيد تزكية .
• والصلاة تزكية: قال سبحانه و تعالى : ( ... وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) [العنكبوت : 45]
• والزكاة تزكية: قال سبحانه و تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [التوبة : 103]
• الصيام تزكية: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [البقرة : 183] ، وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : << إذا إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني أمرؤ صائم >> [متفق عليه]
• الحج تزكية: قال الله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ) [البقرة : 197]
إذن الشرع كله تزكية
إنني أريد أن نعرف التزكية لكي نضعها في موضعها الصحيح على خارطة الإسلام و نعطيها حجمها الصحيح على خارطة الإسلام ، فعرفت الآن ما هي التزكية و ما هو موضعها و أهميتها من الدين !!
أخي الحبيب : التزكية أين نضعها في خارطة الإسلام ؟ و ما هو حجمها ؟ لكي نعمل بها و لها ، إن كثيراً من الشباب يضع موضوع التزكية في الوعظ و التذكير و يظن بعض طلبة العلم أنه تخطى هذه المرحلة إنما الوعظ و التذكير يصلح للعوام !!
إنظر إلى هذا الحديث : << صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ... >> [في سنن أبي داوود ، قال الشيخ الألباني : صحيح]
موعظة مودع تعني أنه في أخر حياة النبي ، بعد أن صلى القوم و صاموا وحجوا وهاجروا وجاهدوا وأنفقوا .. وما زالت المواعظ تعمل عملها التي زهد كثير من أخواننا في هذا الزمان !!
قضية التزكية ليست مواعظ إنه علم ، إنه أصل أصيل لهذا الدين
• فلذلك إذا أردنا أن نضع التزكية في موضعها الصحيح على خارطة الإسلام:
فسنضعها في أعلى موضع .
• وإذا أردنا أن نعطيها حجمها الصحيح على خارطة الإسلام:
فسنعطيها الحجم الذي يتداخل مع كل شريعة الإسلام ، في التوحيد تزكية و في الصلاة تزكية و الصيام و الحج و في الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر، ستأخذ التزكية حجماً من كل فرع من فروع الشريعة .
و لذلك أخي في الله و أنا أحبك في الله ، أنا أبدأ معك هذه الرحلة في شرح كتاب :
مدراج السالكين .. بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين
وهو شرح لكتاب أبي اسماعيل الهروي : منازل السائرين إلى رب العالمين
لماذا إخترنا هذا الكتاب ؟! لماذا نركز عليه ؟! لماذا ننطلق منه ؟!
هذا ما سيكون معنا في الحلقة القادمة ، ألتقي معك على خير، إصطبر معي ، و افهم القضية و ضعها في حجمها الصحيح ، ننطلق على خير و بركة بإذن الله ، أحبكم في الله .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته